الأربعاء، 22 أبريل 2015

سلسلة ملخصات الكتب: الإنقلاب السماوي, نيقولاوس كوبرنيكوس

نيقولاوس كوبرنيكوس
اندهش الانسان منذ القدم من منظر الأجسام السماوية وحركاتها الدائمة. ولهذا انتشرت الأساطير حول الظواهر السماوية بسبب ارتباطها الوثيق بحياة البشر.
تقدمت الحضارات وحاول الفلاسفة تفسير هذه الظواهر, فكان الإغريق أصحاب السبق في علوم الفلك أمثال فيثاغورس في القرن الخامس قبل الميلاد, آرسطو في القرن الرابع قبل الميلاد, وكان بطليموس المصري الذي كان يعيش في الاسكندرية قد وضع النظام البطليموسي الذي أطلق عليه "الأعظم" والذي سيطر على عقول البشر حوالي 1500 عام, وقد اعتبره العالم الفكرة الحقيقية عن الكون.




بطليموس

نظرية بطليموس:
الارض كتلة خاملة عديمة الحركة, تقع في وسط الكون وحولها تدور جميع الأجرام السماوية وحتى الشمس والنجوم الثابتة. وأن الكون يحده غلاف وليس خلف ذلك الغلاف شيء.
هناك عاملان ساعدا على قبول نظرية بطليموس:
1.      اعتماد النظرية على المظاهر الطبيعية.
2.      أشبعت هذه النظرية فضول الانسان.
وهكذا استمرت هذه النظرية حتى جاء عصر النهضة الأوروبية, فكان تحطم هذه النظرية على يد نيقولاوس كوبرنيكوس أحد أعمدة تلك النهضة.

ولد كوبرنيكوس على شاطئ نهر الفستولا ببلدة تور في بولندا, وعاش سبعون عاماً (1473-1543), وكانت تلك الفترة من أجمل فترات النهضة الأوروبية وأكثرها إثارة ومغامرة. ففيها اكتشف كولومبوس أميركا, وأبحر ماجيلان حول الأرض, وقام فاسكو ديجاما برحلته البحرية إلى الهند (طبعاً بمساعدة البحار العربي المسلم أحمد بن ماجد), وغيرهم الكثير.

منزل كوبرنيكوس الذي ترعرع
درس كوبرنيكوس في جامعة كاراكو عام 1491, ثم انتقل الى بولونيا في ايطاليا فدرس الرياضيات, القانون, الطب والفلك ثم تسلم شهادة الدكتوراه في عام 1503 في القانون الكنسي فيرارا بإيطاليا.
كان ولعه الشديد بعلم الفلك هو الذي أخذه للبحث, فاشترى أدوات بدائية (قبل اختراع التيليسكوب بـ 100 عام),  ورغم ظروف الطقس غير الملائمة, اعتكف كوبرنيكوس على إجراء حساباته الفلكية ودون أي مساعدة من أحد حتى تبلورت فكرته الثورية, والتي حاول إثباتها أو تفنيدها بعكس بطليموس.

كانت النظرية باختصار:
أن الارض ليست ثابتة بل تدور حول محورها كل 24 ساعة, وتدور حول الشمس كل عام, ولغرابة الفكرة في القرن الـ 16, لم يجرؤ كوبرنيكوس على إشهارها رغم كل الإثباتات التي حصل عليها, فأخفى فكرته لـ30 عام.
الغريب أن هناك أشخاص عاشوا قبل كوبرنيكوس بـ 1800 عام قد ألمحوا إلى أنه قد تكون الشمس هي مركز الكون مثل أريستارخوس. (ولكن عشق الانسان للمركزية وبحثه عن أبسط الطرق وأسهلها لإقناعاً جعلت من بطليموس أسطورة ردحاً من الزمن, تعليق بروميثيوس)




سمع شخص ألماني اسمه جورج ريتكوس بشهرة كوبرنيكوس فجاءه ليتعلم على يديه فمكث عنده سنتين وناقشه في أفكاره, وكان لهذا الشاب الفضل في اقناع كوبرنيكوس بنشر كتابه.
قبل نشر كتاب كوبرنيكوس خاف صديقه ساور أوسلاندر على حياة صديقه فأخذ الكتاب وغير المقدمة المتطرفة التي كتبها كوبرنيكوس وجعل من نظريات الكتاب مجرد أفكار حتى لاتثور عليه الكنيسة (هذا الخوي المطنوخ).
جاءت النسخة الأولى لكوبرنيكوس فرأى من السياسة أن يهديه للبابا بولس الثالث, فكتب خطاباً مطولاً برر فيه واستأذن منه أن ينشره. وأشار في رسالته إلى خوفه من الوشاة الذين لايفهمون في الرياضيات فيقتبسون فقرة من الكتاب المقدس ويفسرونها على أهوائهم. (كان يخاف من الوعاظ المنتفعين من الديكتانورية والكهنة المعبد, تعليق بروميثيوس).
قدم كوبرنيكوس رسالته للبابا متبوعة بمقدمة أوسلاندر الزائفة ثم قسّم البقية لستة أقسام وهي:
1.      آراء كوبرنيكوس عن الكون والأدلة المدعمة لنظريته القائلة بأن الشمس مركز الكون.
2.      حركات الأجرام السماوية محسوبة رياضياً.
أما الأجزاء الأربعة الباقية فتضم شرحاً مفصلاً لحركات الأرض والقمر والنجوم وبه أشكال هندسية تبين المسار الذي تتبعه الكرات على أساس حسابات كوبيكوس.

ردود الفعل:
هاجم طلاب من إحدى الجامعات المطبع التي كانت تطبع كتاب كوبرنيكوس ولكن الحراس منوهم من ذلك حتى أتموا طبع الكتاب, وقاموا بمسرحيات هزلية تشبه كوبرنيكوس بأنه باع نفسه للشيطان.
أما المنظمات الكنسية فكانت أكثر جدية ولكن بسبب خطاب كوبرنيكوس ومقدمة أوسلاوندر, تريثت الكنيسة الكاثوليكية ولم تتخذ اجراء فوري, وبينما قادة الاصلاح مثل مارتن لوثر شنع عليه ووصفه بالأحمق والباحث عن الشهرة, وخرج غيره مستشهدين بفقرات من الكتاب المقدس لينفوا نظرية كوبرنيكوس مثل ميلانكثون, جون كلفين. (كان صادقاً أن الوشاة ليس للدغاتهم دواء).


ومع كل هذا لم تتخذ الكنيسة أي اجراء الا في عام 1615, فانتقمت من أنصار كوبرنيكوس أمثال جاليليو وبرونو.




Justus Sustermans - Portrait of Galileo Galilei, 1636.jpg
جاليليو جاليلي

(جاليليو: حوكم فتراجع عن معتقداته فحكم عليه بالمؤبد. أما برونو أضاف على النظرية أن الفضاء غير محدود وأنه توجد مجموعات  شمسية غير مجموعتنا وأنه ربما يكون هناك عوالم غير عوالمنا فكانت هذه الأراء سبباً بمحكامته وصلبه وإحراقه حياً في فبراير 1600). ثم وضعت كتب كوبرنيكوس ضمن قائمة الكتب المحرمة, وظل في هذه القائمة مدة قرنين من الزمن حتى أزيلت هذه اللعنة عام 1835.









تيكو براهي

قام كثير من تلاميذ نظرية كوبرنيكوس بتطوير النظرية عبر الزمن وإثباتها أمثال: الدانمركي تيكو براهي
والألماني يوحنا كبلر الذي وضع قوانينه الثلاثة الشهيرة, وجاليليو وبرونو جميعهم ساروا على خطاه
وبنوا على نظريته وصححوا أخطائها حتى أصبحت لا تقبل الشك. توفي كوبرنيكوس بتاريخ 24 مايو 1543 في فرومبورج.  مات كوبرنيكس عن عمر يناهز السبعين عاما دون أن يدري اي اثر سوف تلعبه اطروحاته في مجري التاريخ.



الشهيد: جيوردانو برونو











ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق