الأربعاء، 3 ديسمبر 2014

سلسلة ملخصات الكتب: الكتاب #2: الإدراك العام, للثوري الأمريكي العظيم: توماس بين.



ما كان أحداً يظن أن توماس بين سيبتسم له الحظ ويفتح له الآفاق, لقد كان سيء الطالع ولم يدخل في مشروع إلا فشل فيه.
وصل إلى أمريكا وهو في ال37 من عمره, وفجأة وفي بضع سنوات أصبح واحداً من أهم مؤلفي الكتيبات باللغة الانجليزية وأعظم الباحثين في التاريخ الامريكي ومثير للقلاقل ثوري مرهوب الجانب. ويبدو أنه اثناء رحلته البحرية عبر المحيط قد تحورت شخصيته وانتقلت من الادراك المتوسط الى النبوغ.

ولد بين في شرق انجلترا عام 1737, ويبدو أن سنينه الاولى لم تضع هدراً بل كان يعد نفسه لهذا التحول في حياته. فر من بيت ابيه هرباً من ملل صناعة الكورسيهات والتحق بسفينة القرصنة الحربية تريبل وقائدها الملقب بـ"الموت", ومارس القرصنة واشبع نفسه بالمغامرات.

عمل في ادارة مراقبة الانتاج في بريطانيا, وكانت مهمته الامساك بمهربي البضائع فأصبح الأغنياء والفقراء ضده. قضى بين كثيراً في حانة وايت هارت وحضور الإجتماعات وإصدار صحيفة ذات موضوعات جدية وبرع في الجدل فانتخبه زملاؤه ليتكلم نيابة عنهم لرفع أجورهم فقدم عريضة  للبرلمان في لندن ولكن عريضته  رفضت وطرد من عمله وأفلس وانفصل عن زوجته وأصبح خالي الوفاض في منتصف العمر.

شاءت الأقدار أن يلتقي في لندن ببنيامين فرانكلين حيث كان سفيراً للمستعمرات وقد أدرك فرانكلين عبقرية بين فحثه على الذهاب لأمريكا وأوصى به معارفه. وصل توماس بين إلى أمريكا وعُين محرر مجلة. وبعد فترة بدأت مغامرته، إذ ندّد بنظام الرقيق وكون أول جمعية لمقاومة الرق في أمريكا ثم كتب مطالباً بمنح المرأة حقوقها والرفق بالحيوان الخ. (بالعربي خربها).

وبينما هو في ذلك نشبت حرب دولية للإنفصال عن بريطانيا وانقسمت الآراء بشدة بين موالي للملك, مثل جورج واشنطن, فرانكلين وجيفرسون بينما آدمز  وهانكوك انضموا لرأي الحرب. أما توماس بين فقد دعم الإنفصال، وكتب كتابه العظيم "الإدراك العام" في١٠ يناير ١٧٧٦م. كان كتيب من 47صفحة بيع منه 120 ألف نسخة في3 أشهر ومجموع المبيعات الكلية نصف مليون أي ما يعادل 30مليون نسخة بوقتنا الحالي. بمعنى أنه لم يكن هناك شخص في المستعمرات يستطيع القراءة لم يقرأه. ومع ذلك تبرع بين بكل الارباح.

لاكتاب يعادل كتاب الادراك العام في سرعة التأثير, كان كتاباً عظيم الأثر استطاع من خلاله حسم القرار وإشعال الثورة الامريكية.
تناول القسم الاول من الكتاب: نشأة الحكومة وطبيعتها مع تطبيق معين للدستور الانجليزي. وقال فيه: الحكومة ضرورية لانعدام
أو لعجز الاخلاق الفاضلة عن حكم العالم. وكان يحتقر النظام الملكي والتوريث معتبراً أنها وثنية المنشأ لنشر عبادة الاصنام.
كما يرى بأن اليهود استعاروا النظام الملكي من الوثنيين, وبالإضافة لشر الملكية أضاف عليه البشر حق الوراثة وهذه اكبر
اهانة لنا نحن البشر. وعندما قيل له بأن الوراثة تمنع الحروب قال: تعرضت بريطانيا لـ8 حروب أهلية و19 تمرداً.

وبعد ستة أشهر فقط من اصدار "الادراك العام" أعلن الكونجرس الكونتنينتال استقلال امريكا عن بريطانيا, وكان بين قد اشرف
علي خطاب الاستقلال نظرا لقربه من توماس جيفرسون. انضم هذا المجنون العبقري لصفوف الثورة وكان قائداً ملهماً لاتباعه
وألف كتيبات كلها بعنوان "الأزمة". ونظراً لإنجازاته فقد عينته الحكومة وزيراً للخارجية, فكان أول وزير في أمريكا.

أجبر على الاستقالة لاحقاً وتم تعيينه أمين سر مؤتمر بنسلفانيا, ثم أوفد لفرنسا لجلب معونات فعاد من مهمته بنجاح.

انتهت الثورة عام 1783, فعكف على اتمام مخترعاته الميكانيكية, فصمم اول جسر حديدي معلق. ثم أخذ يطور القوة البخارية وقرر الاستعانة بخبراء فرنسا وبريطانيا فخرج اليهم ومكث 15 عاماً. هذا "المطنوخ"  توماس بين شارك في ثورة فرنسا عندما اندلعت وكان له انجازات عظيمة ونجا من المقصلة بأعجوبة. أما كتابه في الثورة الفرنسية فاسمه: ثورة العقل, ويطلق عليه "توراة الملحد"  وكان يريد به مكافحة موجة الالحاد التي عمت فرنسا الثائرة. عاد لأميركا عام 1803 فلم يستقبل كبطل بسبب كتيبه "ثورة العقل" بل حرم حق التصويت وجرد من حقوقه المدنية وتمت محاولة لاغتياله, وفي عام 1809 توفي ولم يدفن في مقابر الكواكر. كان توماس بين بالفعل هو: مؤسس الاستقلال الامريكي. وأول من استخدم عبارة: الولايات المتحدة الامريكية. انتهى

هناك تعليق واحد: