اشتهر ماكيافيللي بمبدأ: الغاية تبرر الوسيلة, وظل لأكثر من 400 عام متهماً بكل صفة قبيحة لأجل ذلك. بل في القرن 17 في انكلترا كان ماكيافيللي يرمز له بـ old nick ككنية له تربط بينه وبين الشيطان.
ألف ماكيافيللي كتابه عام 1513 ولم ينشر الا عام 1532, أي بعد
وفاته بخمسة أعوام. لا يعرف عن
ماكيافيللي إلا القليل, فقبل عام 1498 كان وزير جمهورية فلورنسا حيث خدم ل18 عام,
وذهبت به مهامه الدبلوماسية الى توسكاني, روما,
ثم ما وراء جبال الألب حيث تعرف على الكونتيسة كاترينا سفورز وطاغية سينا ولويس
ال12.
لم تنفك المشاحنات بين دويلات
ايطاليا بل تبعها فساد عظيم جداً. وكان ماكيافيللي الطالب الداهية خبير في طبيعة البشر
ولكنه حديث عهد في السياسة كان ماهراً في
انجاز المفاوضات الصعبة وبنى خبرته ومهارته وسخريته السياسية من تجربة واقعية|,
لأنه تعلم الا يكترث لغير الجشع
والانانية. ناله النحس عندما ثار الميديكليون على الجمهورية الاسبانية واستعادوا
حكم فلورنسا, ففصل ماكيافيللي عن عمله وسجن
وعذب. ثم نفي الى ضيعته الريفية قرب سانكاسبالو وظل قيد الاقامة الجبرية حتى وفاته
عام 1527 حيث ألف خلالها:
من الصعب
اكتشاف اي طبيعة عاطفية لدى ماكيافيللي فيما يختص في الشؤون الاجتماعية الا انه
وطني مخلص وكان يتوق الى ايطاليا قوية وموحدة.
كان واقع ايطاليا في أسوأ حالاته, ورغم ان ماكيافيللي يفضل الجمهورية الا انه
اقتنع بأنه لن يوحد البلاد الا طاغية هو:
سيزار بورجيا الدكتاتور, ولهذا لقب كتابه الامير بأنه دليل الطغاة. وهذا الدكتاتور
هو ما يسمى لدى العرب
بالدكتاتور
المستنير.
مضت 3قرون
ونصف قبل أن يتحقق حلم ماكيفيللي بتوحيد ايطاليا, ووزعت عدة نسخ من كتابه في حياته
وبعد وفاته بخمس سنوات وافق البابا كليمنت
السابع "ابن عم الامير الذي أهدي اليه الكتاب" وطبع منه 25 طبعة في ال20
سنة التالية, ثم هبت العاصفة. أمر مجلس
الثلاثين بإتلاف جميع كتب ماكيافيللي, واتهم بالإلحاد وحرمت مؤلفاته, ولم تسترجع
مؤلفاته زخمها الا في القرن ال19 حيث قامت
الحركات الثورية بالعمل على فصل الكنيسة عن الدولة وتحويل الحكومات الى النظام
المدني. وقامت الحركة الايطالية المطالبة
بالحرية, والتي وصلت للذروة عام 1870 مستمدة ايحائها من الوطني العظيم البطل
ماكيافيللي. وقد بين دوجلاس جريجوري لولا نظريات
ماكيافيللي لما استطاع الحاكم الايطالي الكونت كافور من توحيد ايطاليا وطرد
الغزاة. كما اتفق كثير من دارسي مذهب
ماكيافيللي أنه لا يمكن فهم ارائه فهماً كاملاً دون قراء كتابيه الامير
والمحادثات. حيث ان الامير يختص بالحكم الدكتاتوري
بينما المحادثات يوضح ما يجب ان يكون, ويمجد فيه الجمهورية الدستورية, حيث كان
ماكيافيللي يكره الاستبداد.
كما
كان يعتقد بأن النظام المشترك بين الشعبية والملكية هو أفضل نظام (أي ملكية
دستورية). وكان ينصح الأمير بالبناء على
الشعب وكان
يهاجم المثل القديم: من يبنِ على الشعب يبنِ على الرمال.
ويستحق شرعياً لقب: مؤسس
علم السياسة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق